Tuesday, December 22, 2009

صورة ساخنه


فى اعلى الصفحة
صورة رجل ماتْ
فى أسفلها
صورة راقصةٍ
ساخنةٍ
راسخةٍ
كالأهراماتْ





امتعض الولدُ
وقلبَ جريدتهُ
فارتطمت راقصةُ الوطن الاولى
بالرجل الميّتِ
فصحا
ايقظه العطرُ
فغنى للراقصة الوطن نشيدا
مرتعشَ الخطواتْ



لم تكن الراقصةُ الاولى
كالاهرامات فقط
بل كانت معجزةً كبرى
تحييى الاموات



من ساعتها
قد قرر هذا الولد المنكوبْ
ان يقرأ كل جرائدهِ
بالمقلوبْ

عزت الطيري

Wednesday, December 16, 2009

تيمور



  على فالس شوبان الذى يتصاعد من البناية المقابلة ها هو يرقد أخيراً، بفرائه البني الكثيف، و عينيه الخضراوين. كما توقع صديقي زوربا نهايته تماماً، على أسفلت حار، في منتصف الطريق تماماً، ذلك الطريق الذي يخافه الجميع في  الحي، يرقد و يجانبه نتيجة العام الماضي، و التي على ظهرها صورة لقط يلعب بكرة من خيط ، و إلى جانب النتيجة يوجد غلاف مهمل لأحد أنواع الشيكولاتة.
 لا أعرف إذا كان وقع ضحية لتلك الحافلة الصفراء التى كان يتحدث عنها دوماً. حيث لم يعد فى الحي سواي  يمكنه تمييز الألوان. بل يمكننى القول بأن بعد - "ابروز" -أو "زوربا" فى حياته السابقة – لم يعد هناك من مجموعة "أبناء الموكيت" غيري. كيف سيمكنني مواجهة الحياة هنا بدونه.

كان زوربا قريباً من الإجابة على كل أسئلته، كان يتمنى رؤية شقيقه تيمور ليعتذر له قبل الرحيل، كان يتحدث كثيراً عن الموت فى الفترة الأخيرة. عن تلك الأسطورة التي  تحيط بكل قط من قطط هذه المنطقة البائسة. أسطورة ذلك الشارع الذي لم يدخله أي قط إلا و عرف نهايته المحتومة. كنه نسميه شارع "وتيت" على اسم آخر ضحاياه. من الآن فصاعدا سيكون على إبلاغ الجميع بالاسم الجديد.. "شارع ابروز"..هذا إذا خرجت سالماًَ من هذا الشارع. هذا إذا أكملته حتى النهاية.
فالأسطورة تقول  "إذا تفاديت كلاب الجزار السبعة، ومياه الحراس الحارقة، و إغراء صناديق القمامة المسمومة من أجلنا، فلن تتمكن من الهروب من الحافلة الصفراء". و يبدو أن زوربا نجح في الوصول حتى المحطة الأخيرة. قبل أن يهزمه ضيق هذا الشارع المقبض، الذي لم يترك له خيارات سوى المقامرة و الهروب إلى منتصف الطريق، حيث الموت فى كل لحظة. "زوربا" لم يكن يجيد المناورة. كان لا يجد مفراً من المواجهة. ها هو غلاف الشيكولاتة يطير، ليبقى وحيداً بانتظار من يجرؤ على رفعه ربما بعد يوم أو أثنين، ربما يقدم على هذا ذلك الرجل المطل من شرفة منزله، و ينظر ناحيتنا، حيث تبدو قطرات الماء المعتادة تنزل من عينيه، و كأنه يظهر تعاطفاً معنا. 

البشر يقولون دوماًَ أن حياة المرء تمر أمام عينيه فى اللحظات الخمس الأخيرة قبل أن يموت. لا اعرف إذا كان زوربا قد مر بهذا أم لا ؟  فى حديثه الأخير بالأمس معي قال لي "كل ما أتمنى  فعله قبل أن أموت هو معرفة من أين أتيت؟ أنا أشعر بقربي من الإجابة على هذا السؤال!". لقد كان زوربا  يتحدث دوماً عن أن "شارع  وتيت" هو الشارع الذي يحوى الإجابة على هذا السؤال؟ فقد كان الشارع الوحيد الذي لم يدخله "الصعلوك" كما كنت ألقبه. كنت مقرباً منه للغاية، فقد كنت الوحيد تقريباً الذي يفهم حديثه عن مذاق السلمون المعلب، سماع موسيقى شوبان في العاشرة مساءً، رائحة البيض المقلي، متعة مطاردة الحمام الأبيض فى الشرفة.يد آدمية حنونة تمسح ظهرك لتوقظك فى السابعة صباحاً. لون لبن السابعة و الربع الأبيض الصافي. لقد كان ذلك الحديث يعوضنا عن ليلة قارصة البرودة في مقلب للقمامة، بانتظار أن يشعل أحدهم قطعتي خشب.

لقد رحل زوربا و هو غاضب منى. حيث طرح الأسئلة التي  كنت أخاف من الإجابة عليها طيلة حياتي. "ألا تريد أن تعرف من أين أتيت؟، "ألا تريد أن تعرف اسمك الحقيقي"، "ألا تريد التعرف على هوية الذين يطاردونك في أحلامك؟"، "ألا تريد معرفة سبب حبك للموسيقى الكلاسيكية؟"، "ألا تريد معرفة ما إذا كانت لك عائلة أم لا؟!"، "ألا تريد أن تصبح أول قط فى المنطقة يجيب على هذه الأسئلة؟", "ألا تريد أن تعرف ما إذا كنا قد تقابلنا في حياة سابقة؟".

لقد غضب منى زوربا عندما أطلقت عليه لقب "الصعلوك،" فلقد كانت كلماته تعصف بي. منذ أن وجدت نفسي في هذا المكان و الجميع يسألني هذه الأسئلة دون أن اعثر على إجابة شافية. لقد ظننت أن زوربا يتباهى بمعرفة أسمه الحقيقي، و الذي حمله منذ أيامه المنزلية. ففي أول لقاء بيننا قبل عدة سنوات قال لى أن اسم زوربا أتى له فى أحد الأحلام. و عندما أبلغ الجميع بهذه القصة، لم يصدقه أحد، بل عاقبوه كما تنزل قطط الحي الأصلية العقاب بقطط المنازل المفقودة من أصحابها. بأن ينطقوا الاسم بالمقلوب، ليصبح أسمه "ابروز" حتى يبقى هذا الاسم وصمة تميزه عن الآخرين. لقد كنت الوحيد الذي ظللت أناديه باسم زوربا حتى يوم أمس. لا اعرف لماذا؟ ربما لأحتفظ بصداقته لأطول وقت ممكن.  

الحرارة لا تحتمل هنا، ليست هناك بقعة ظل في ذلك الشارع الخانق. أنا أحاول لفت أنظار الجميع لحمل صديقي.دراجة بخارية تمر بجانب صديقي دون اكتراث، و نفس الرجل يتأمل ذلك المشهد الغريب، غير أنه عاجز عن الحركة، إنه يحدق فينا بغرابة، أنا أفضل أن يقوم بإبعاد صديقي عن الطريق قبل تأتى حافلة أخرى لتدهسني هي الأخرى. لا اعرف كيف كان زوربا يضع آمالاً عريضة على البشر، كان يرى فيهم الرفاق الحقيقيين. كان يكره لقب "الصعلوك" حتى على سبيل المزاح، كان يكره الشارع، و نمط حياة الشارع، يتحدث طيلة الوقت عن "المنزل". يريد أن يعلم إلى أى مكان ينتمي؟ كيف يبدو صاحبه الآن؟ لقد كان زوربا يضيق ذرعاً بأبناء الحي، كان لا يرى فيهم مستقبلاً. كان يريد أن يصبح أول قط يمتلك ذاكرة حقيقية. لقد كان يعتقد بأن قطط الشوارع تعيش ليوم واحد فقط،، لأنها تنكر ما حدث لها بالأمس، بل إنها لا تعلم عنه شيئاً في الليلة التالية.

طالما كان يكرر تفاصيل النقطة صفر في حياته، الذكرى الأولى، الكلمة الأولى التي اخترقت أذنه المكسوة باللون الأصفر، فقد كان فى مقلب موحش للقمامة بين مجموعة "القطط السمان" التي تقوم بدوريتها المعتادة للعثور على ضحايا جدد، ليسألوه السؤال التقليدي أو "الفخ" كما كان يحلو له أن يلقبه و هو .."من أين أتيت؟". لقد أجاب زوربا الإجابة التي أدخلته إلى الجحيم، أو باختصار أجاب ب "لا اعرف". لقد كانت تلك الإجابة تعنى على الفور أنك أحد قطط المنازل، إنه نفس الفخ الذي وقعت فيه أنا، إنها نفس إجابتي على نفس السؤال. فإلى جانب شاربك الطويل اللامع، و فرائك الذي يحمل ألوانا لم يعرفها قط من قبل، فلقد أدركت ماهية اختبار "القطط السمان" عندما أزالت البلدية بضعة شجيرات من الطريق قبل أسبوع. للحظات بسيطة شعرت بأني أبدأ من الصفر مرة أخرى، قبل أن أنجح في تدارك الوضع.فقطط الشوارع معرضة لأن تبدأ من جديد في كل لحظة.

زوربا لم يحتمل كثيراً الأوضاع منذ ذلك الحين، فأن تصبح قط منازل فى الطريق العام اختبار حقيقي، صديقي كان يضيق بأسئلة رفاق الشارع الآخرين، عن طعام قطط المنازل، عن النوم تحت الغطاء فى ليالي الشتاء، الالتصاق بالثلاجة أو النوم على البلاط الأملس في أيام الصيف اللعينة. عن "مشمش" ذلك  القط الذي يلعب بكرة الخيط، عن قطط أفلام الكارتون التي يشاهدونها عند محلات الجزارة و البقالة.عما إذا كانت مهمة القطط هذه الأيام هي تسلية صغار البشر.  كانت قطط الشوارع تعلم أن زوربا لن يملك إجابة على هذا. فلم يسبق لقط منازل أن تعرف على "نفسه"، و صديقي كان يعتصره العجز عن الرد. كنت أشعر بتعاطف حقيقي معه دون أن أعلم السبب. فقبل عام من ذلك التاريخ طرحوا على نفس الأسئلة. لأقبل بمصيري الجديد، الذي لا أعلم كيف وصلت إليه.

ثاني عربة فاكهة تمر من أمامنا دون اكتراث، و طفل في الثالثة يسأل والدته عن اسم ذلك الحيوان الملقى على الأرض، وعن الحيوان الذي يجلس بجانبه فى انتظار من يحمل صديقه الملقى على الأرض. و الرجل الأربعيني الذي كان يطل من الشرفة، أصبح أمام بوابة المنزل. إنه يبدو الوحيد الذي يبدى اهتماماً بنا  وسط هذه الفوضى. هل ابدأ بالمواء الآن؟ هل اختبر ثقتي بالبشر يا "زوربا" مثلك؟...

لقد كنت تفضل دوماً الحديث عنهم. و كنت تود العودة إليهم. لقد كنت تخبرني "أن القطط تتذكر الأشياء و لكنها لا تتذكر الأشخاص". سألتني عما يجب أن تفعله في الشارع، فأجبتك بأن تتعرف على أنواع أخرى من الطيور، أو الأسماك، أن تصبح لك عشرون زوجة، و مائة ابن لا تعلم عنهم شيئاً فى الصباح التالي، أن تتعرف على قطط جديدة كل يوم. أن تتعلم القفز لمسافة خمسة أمتار كاملة في مرة واحدة كالتي أتقنها حالياً. ألا تعلم ما الذي سيحدث لك غداً، أن تصبح قطاً مختلفاً كل يوم.

لم يبتلع زوربا كلامي، كما أنه شعر  بعدم صدقي. كما لو كان حلم العودة إلى "المنزل" مازال يراودني حتى تلك اللحظة دون أن أفصح عن هذا. لينقلب الوضع و يعرض على مرافقته فى رحلته للتعرف على منزله القديم. رفضت متعللاً بحياتي الحالية, ليبدأ رحلة الطواف بشوارع المنطقة التسعين، شارعا في كل أسبوع. وكأنه أقسم على أن يجعل كل لون يصادفه، كل شخص يحدق به، كل رائحة يشمها، كل قطعة موكيت ملقاة على الأرض دليلا على ماض لا يتذكره.  و في نهاية كل أسبوع من البحث نلتقي ليلاً في إحدى الحدائق المقفرة. في كل أسبوع كان  زوربا يضع  أمامي مكعباً جديداً من مكعبات قصة حياته. عن الموسيقى التي كان يسمعها. عن بعض كلمات لغة البشر التي كان يجيدها بفضل صاحبه، و عن ابن صاحبه الذي كان دوماً يريد مغادرة المنزل، وعن رائحة اللحم قبل طهوه، عن النوم على حافة الشرفة صيفاً.

 فى كل مرة كنا نلتقي فيها كان زوربا يضئ بحكاياته حديقتنا الفقيرة. لقد كنت أتوحد معه دون أدرى سبباً. حتى تلك الليلة التي أبلغني بأنه أصبح يتذكر عائلته، والده الذي كان يدعى "جنزبيل"، و كان يحكى أنه كان ينتقل من منزل إلى منزل لإخصاب أنثى ما قبل أن يرحل، أمه التي كان تطل كل يوم من الشرفة في انتظاره. شقيقته التي لا يتذكرها لأنها ماتت مبكراً، و شقيقه التوأم  الذي كان لا يتوقف عن اللعب معه يومياً، كيف كانا يقومان بنفس البرنامج اليومي، و يتقاسمان معاً نفس صحن اللبن، و عن عشقهما للتواجد معاً على الرغم من ضيق ذاك الشقيق به. و كيف كان يغار من زوربا الذي كان قطا سريع التعلم، يجيد كل شئ بداية من الانتقال بين أريكتين متباعدتين حتى القفز من ارتفاعات شاهقة، و هي المهارات التي طالما أخفق شقيقه فى تعلمها. بل أنه أخفق في القفز لمسافة متر واحد للأمام حتى انه كاد يسقط من النافذة فى واحدة من مغامراته الفاشلة، محاولاً الجلوس على جهاز التكييف الممتد من حائط المنزل الخارجي ناحية مقلب القمامة الكبير.

كل أسبوع كان زوربا  يحدثني عن اسم جديد تذكره لشقيقه، إلى أن أستقر خلال الشهر الأخير عند اسم تيمور ، لم يتوقف زوربا عن سرد قصص تيمور، و كيف كان تيمور متمرداً طيلة الوقت على قواعد المنزل، فى الوقت الذي كان فيه هو مطيعاً هادئاً. فكلما نضجت القطط،  أصبحت أكثر جنوناً. كل بوابة منزل يمر بها زوربا تذكره باليوم الذي طرد فيه تيمور من المنزل بسبب موقف أحمق من زوربا، الذي حمل على عاتقه ذنب شقيقه، فقد كان  صاحبهما يردد دوماً " "تيمور" لن يتمكن من البقاء على قيد الحياة في الشارع يوماً واحداً، إنه لن يحتمل كثيراً" . "زوربا كان يشعر بالذنب، وللمرة الأولى يغار من شقيقه الذي كان أشجع منه، فلقد كان يريد اختبار حياة الشارع مثله.
كان الرجل الأربعيني يواصل النظر ناحيتي أنا و زوربا باهتمام أكبر،و فى تلك اللحظة تذكرت ليلة الأمس .كان "زوربا" متجهما، فقد تأكد من أن الشارع الأخير الذي يحمل الإجابة الشافية على سؤاله الصعب قد يكون الوحيد الذي لم يدخله حتى الآن. و هو شارع "وتيت". و ساعده على هذا اكتشاف جهاز تكييف معطوب شبيه بذلك الجهاز الذي سقط من فوقه زوربا فى ليلته الأخيرة بمنزله، فقد كانت ثقته الشديدة مبالغا فيها حتى أن توازنه أختل للحظة. فسقط على الصاج البلاستيكي الذي يغطى الطابق الأول من البناية. زوربا مازال يتذكر ملمس أرضية ذلك الصاج البلاستيكي. لقد كانت مختلفة تماماً عن ذلك الموكيت. لقد شعر الآن بما تحدث عنه شقيقه. لقد حكى لى زوربا كيف نادى عليه صاحبه من أجل البقاء ثابتاً بمكانه، إلا أن زوربا ألفى بنظره إلى السماء ليرى لون ليل مختلفا عما رآه من قبل من النافذة. ثم عاد لينظر إلى صاحبه مرة أخرى. لقد أختار زوربا القفز مرة أخرى إلى أرضية مقلب القمامة. و لكن وجه صاحبه كان قد اختفي. المشهد بأكمله قد تغير. زوربا منذ تلك اللحظة أصبح "ابروز".

منذ أن تركني زوربا بالأمس و أنا أفكر جدياً في بدء رحلتي الخاصة لمعرفة منزلي، حيث  كان صديقي يقول دوما : "كل قط شوارع يدخل بناية ما هو إلا قط يبحث عن منزله الأصلي". و عندما وصلتنى الأنباء بما حدث لصديقي هذا الصباح، عادت الفكرة مرة أخرى للقفز إلى ذهني. فلم يعد هناك من يريد أن يتقاسم معي ذكرياته، لم يعد هناك من يريد أن يتذكر. حتى أصبحت اعتقد أنى "قط الموكيت" الوحيد فى المنطقة. وسط كل تلك الأفكار التي تتلاحق في رأسي الصغيرة. كان الرجل الأربعيني المتأمل لحالنا يصدر أول رد فعل إيجابي من جانبه، حيث أخذ في الصراخ تجاهي..."انتبه يا تيمور!!!"
. نظرت إلى يميني لأجد حافلة المدارس الصفراء تسير تجاهي في سرعة خيالية قد تجعل من الصعب تفاد......

لقد قررت فى الليلة التالية بدء رحلتي الخاصة للتعرف على منزلي قريباً. ربما سأبدأ في الحال عقب البحث عن طعام مع صديق منازل جديد عجوز قابلته في الحديقة يدعى "جنزبيل"! عندما أخبرته بقصة زوربا ..أخبرني بأن البشر يقولون أن حياة المرء تمر من أمام عينيه فى لحظاته الخمس الأخيرة، أجبته بأني لا أعرف إذا كان يسرى هذا على القطط أيضاً.
مجدداً تذكرت زوربا و هو يتهكم على جملة كان يقولها صاحبه كثيراً لزوجته "لنلتقي فى الحياة القادمة عندما نكون قططاً"..ليصحح هذه المقولة في ليلته الأخيرة قبل وداعي "لنلتقي فى الحياة الأخرى عندنا نكون بشراً". 

خالد يوسف

Tuesday, December 15, 2009

روبو اكس


المندي : هو الامتحان فين؟؟

رؤوف: كان لازم يكون موجود في عصر العبيد هو جه العصر ده غلط عشان كده العصر

ده بيعاني

ابن رضا : على اساس انوا نافخكوا و بايض عليكو فهو(دكتور للنفخ)منفاخ

ميسره : لو كان القرد شاف حمار طيزه كان بطل غمزو وتقميزو

محروس: طيب وعلى غرار شمشون تكمن سر عبقرية دكتور /فطوطة ف شنبو الى

غالبا اتولد بية وانا ارجح ان امو كمان كانت بشنب وهو ورثو منها

السيد (مصطفي) : اشوووف فيه يوووم

صبري : نحن لانزرع الشوك

كامل: انا كامل تالته ميكانيكا انت مين ؟

انور: يروح يتعالج

كشك: بيض علي جنب

وبينا ميعاد: ابن حلال

طاطا : حد حيشرح حاجه

مصطفي :ورقه A4 وش وضهر

اسماعيل : اللي رزقك يرزقنا

شبل : كل الاوضاع

محسن : نطفه وسخه


ومازال العرض مستمرا

Monday, December 14, 2009

سيد خليفه



بطناً جابتك والله ما بتندم
يا اسد الكُداد الفي خلاك رزم
يا رعد الخريف الفي سماك دمدم
بابك ما أنقفل نارك تجيب اللم
مابتعزم تقول غيرإستريح حرّم



بس لازم نسمع (اودع كيف) ولا انت مش بتروح حنا نوبي



Monday, December 7, 2009

روبوصلاح



مدخل:

( لقيت كده حط كده ملقيتش كده متخافش حط كده برده) المقوله الاشهر في التاريخ الهندسي
العباره قد تبدو مبهمه غامضه ولكنها تحمل في طياتها الكثير هي خلاصه علم احد اشهر واغني واتخن معيدي هندسه جمعاء علي مر العصور العظيم محمد صلاح تعال نفصصها كده سوا علشان نفهم الناس العظماء دي فكرت ووصلت للسر الاعظم ازاي مش تقولي عوليس وبيعرف سنسكريتي طيب والسنسكريتي ده بيأكل عيش بيفتح سنتر في سيدي جابر المحطه بيجيب عربيات دايو بيجوز بيجيب شقق اكيد لأ يبقي طيز عوليس علي السنسكريتي واسمع ووسع خيالك(مع كامل الاعتذار لبيسو وسيد الوكيل معا)


لقيت كده حط كده: الحل السيمبل السهل او زي ما بنقول العب السهل ومتصعبش علي نفسك الباصه كله علي الارض وفكك من الثروهات واعتقد ان اي معيد ممكن يقولك ده ان شالله حتي اسلام العشري (ده بقي اللي خد يمني بتاعت النوت اللي فاتت الله يسهله بقي) وانت اكيد مش جي الكورس عند محمد صلاح علشان كده التقيل جي وره

ملقيتش كده : دي الصدمه يا جدعان اللي احنا بنعاني منها من ساعه مادخلنا الكليه اننا مش بنلاقي كده دايما كده دي في السيكشن في المحاضره انما كده دي مبتظهرش في الامتحانات ابدا يبقي انت قاعد طول السنه علشان تلاقي كده في الامتحان وفي الاخر فس مفيش كده طبعا اول كده مش حتلاقيها في اول ميدتيرم لاعدادي هندسه وطبعا محمد صلاح هو الحل (بيفكر ينزل انتخابات 2010)

متخافش: السبوبه كلها والفلوس كلها في الكلمه دي لانه بيشيع حاله من الطمانينه في نفس الطالب (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضو من حولك) والطالب بيبقي محتاج اللي يطمنه فبتنزل متخافش عليه بردا وسلاما تحس وانت قاعد في السنتر في صهد طالع من الطلبه بعد كلمه متخافش (محمد صلاح ينفع داعيه اسلامي علي فكره عنده الحته دي)


حط كده برده : خبره عشر سنين في الكليه دي خطه الخداع الاستراتيجي انت ملقيتش كده صحيح عندك حق انما حتحط كده برده يا الله يعني الناس كلها بتكاكي علشان ملقيتش كده فمش عارفه تحط ايه انما شوف صلاح شوف السنس قالك حط كده برده وسكت حاله من التصفيق الحاد والهتاف المتحمس

ملحوظه:
فاكر يوم امتحان الفاينال الفيزيا راكب مشروع بحري مع بهاء احنا الاتنين معانا مذكرات محمد صلاح وبالصدفه
البحته تاكسي معدي جنبنا محمل موزه هندسيه راكبه فيه وماسكه ورق محمد صلاح برده
محمد صلاح انت ظاهره بتجمعنا كلنا

روبوعرص


تصدير:
ان مجرد السلام علي المرأه بشهوه يمكن ان يتسبب في حملها
وان كان ولا بد فكتاب فتاوي معاصره للشيخ ياسين رشدي هو طريقك الاقرب لقلبها

تقرير:
(دعنا من اعدادي لان الموضوع مبيكونش لسه تبلور وربرب الي حد كبير)

شعار القسم: هو سيكشن الرسم فين يا باشمهندس

مدني: اقرب ما يكون الي المجمع بكامل ما تلقيه كلمه المجمع الي ذهنك من تداعيات صور متتاليه جميع الفئات جميع التوجهات معظم الانشطه واكيد الكلام بينطبق علي حريم مدني لدرجه ان البعض يري ان هذا القسم خارج التصنيف الهندسي بس حنحطه علشان النفس والبركه في الجماعه

شعار القسم: احا

عماره: او ما يعرف بالقسم الحلم عندما تعرف ان التوزيع يقارب 7:1 لا ومش اي سبعه معاك زمارات من مانجو وكويك سيلفر شنط اديداس وتمبر عربيات ميني كوبر القسم ريحته حلوه قسم رقيق ناعم هاديء ساحر مؤثر حتي لو كنت شعبي حترتقي ده بيفسر ليه واحد زي شباك ليه المزاج الرايق ده(شباك دفعه عماره اسكندريه 2003) طبعا رقم سبعه من الارقام الحساسه في التاريخ ويحمل دلاله مهمه ان الجروب المكون من 8 افراد يعني 7 بنات وولد طبعا عماره قائمه علي المشاريع طول السنه لامؤاخذه الدراسه عملي الكلام النظري بتاع زمان خلاص راح عليه كفايه بقي كلام عن عماره علشان الواحد اللي مع السبعه ده شرق من كتر الحسد الله يسهل لأمه بقي

شعار القسم:نتقابل بالليل علي سيلانترو

كيميا:او ما يعرف بقسم النسوان حريمه كتيير وقد تتجاوز النسبه 7:1 في بعض الدفعات المحظوظه بس اوعي يغرك جسمك كغثاء السيل وفين وفين لما تطلع بحاجه وارد الخارج بس فيهم ميزه ان الحريم اللي هنال بعد سنه تانيه تتفجر كامل طاقاتها بدون اي حسبان او مراعاه لمشاعر الحضور مما يجعل اخوانا من الرجال في هذا القسم يغلب عليهم طابع (تربيه نسوان) ومن عاشر القوم تانيه وتالته ورابعه كيميا اصبح منهم منقدرش نقول الا ان فيه جانب من المتعه وتغيير المود بس طبعا لا يرقي لعماره باي صوره عيال غلابه وبترزق

شعار القسم:بتاخد كورس مع اماني؟؟

ميكانيكا:احدي الاقسام الرجوليه بامتياز وولوج قله مندثه ممن يمكن ان نطلق عليهم اناث لضروره الامانه البيولوجيه لا تعبر عن سير العمليه التعليميه مطلقا وتاتي من باب الاستثناء الذي يوكد القاعد بيقولك شراب اسود فيليه علي جزمه باليرينا وبتروح مكتبه كهربا بشنبها كان الله في العون

شعار القسم: محاسن واللي معاها حيمتحنو شفوي الساعه 2

كهربا:هو ممكن خلال 3 شهور الانثي تتطور بالشكل ده يعني شهر يوليو ويونيو واغسطس يعمل كل ده سبحانك يا رب
طيب ده خوض في الاعراض ولا مجرد خواطر احد المكبوتين العرب اي كان ده ملوش علاقه بانها فعلا قمر
طبيعي انك تفتكر مدني بهاله وعماره بهند واكيد كهربا بيمني قول كده تالته كهربا اتصالات اول حاجه حتيجي في ذهنك اكيد يمني بدون لف ودوران افتكر ان في سنه اولي معظم الناس اللي اعرفهم كانو حاطينها خلفيه لموبايلاتهم يمني وهي بتنقل المحاضره يمني وهي بتسال الدكتور يمني وهي بتمتحن عملي يمني وهي بتصور ورق فكان طبيعي ان حلم اي فتي في كهربا اتصالات يحترم نفسه انه يشتغل في موبينيل ويتجوز يمني واعتقد انه كان حلم مشروع تماما بس خلاص اصبحت ذكري منسيه مازلت اشم ريحها والمس هالتها
مجموعه ال (ايه يو سي )القويه طقم الفورد والكورولا الناس اللي بتستاذن من الكورس علشان عيد ميلاد عمها الناس اللي ستها ساكنه علي البحر فوق والي تلك المجموعات الاثنيه التي لا تقبل من هم خارجها نحمد الرب ان باور يخلو من هؤلاء الكفره مثيري الاحقاد

شعار القسم: معاك لابتوب

يتبع

Friday, November 27, 2009

الجريدي








when someone ask you what is the latest
please tell him still alyaa the greatest
ولا انت مش مقتنع

Wednesday, November 11, 2009

جيكوزاه




· مش هو اللي بيعرف يجيب القرش من الهوا او بيعرف يجيب عقدعمل في الخليج
· مش هو البهلوان اللي بيضحك اللي حواليه طول الوقت واعصابه هاديه وفي شعره جل ولابس تيشرت بولو من موباكو

· مش هو الجذاب ذو النظره الساهمه الحالمه اللي بينشر في ميريت بعلبه سجاير ال ام وولاعه زيبو وراكن الماتريكس بره وبيقعد في كلاي كافيه

· مش هو اللي لو اتعاركت في الشارع مع واحد صايع حيعرف يجيبلك حقك

· مش هو اللي بيعرف يركب المشروع في الزحمه


انما ممكن يكون اللي معاه قلم ازرق وورقه في جيبه علي طول علشان يلحق رقم الصيانه بتاع شركه ايديال علشان الغساله الفول اوتوماتيك السخان بتاعها باظ

او اللي بيعرف يملا شهادات الميلاد واستمارات القبول بالمدارس واستمارات البطاقه الشخصيه بدون اخطاء

او اللي بيقول لمراته حيطبخو ايه بكره بكل حماسه وهو بيشوف نشره 9

اللي مش بيقعد علي القهوه او يشرب سجاير علشان يوفر تمن الفلوس لجمعيه مدارس العيال الخاصه

اللي بيروح مكتبه في الشغل لمده 40 سنه بالقطار القميء دون تذمر علشان يقعد في مكتب مترين في متر ومعاه عشره موظفين زيه
هو اللي بيخلي عياله يركبو ابونيه(ميكروباص مخصوص)علشان ميتبهدلوش زيه
هو اللي بيروح يجيب التموين كل شهر من غير العيال ما تحس وبيتصرف في10 ارغفه يوميا برده علشان العيال متقفش في الفرن
هو اللي جاب لابنه مايك علشان يكلم صاحبته علي الياهو وهو مش عارف يجيب سماعه صيني يسمع بيها اخبار خفيفه علي الراديو الساعه 9 الصبح
هو اللي مش حتلاحظه في الشارع خالص ولا اللي حيعجبك كلامه خالص
وحتقول يا رب مش عايز اعيش زيه

Monday, October 26, 2009

رشفه اليوم


يا ابني انت المجتمع عمره ما حيحترمك


 طول مانت معاكش


icdl


احدي حكم الحزين الخالده

Saturday, October 24, 2009

كوكاكولا زيرو


يعني لو مستنتش العربجي


 يخبطني


 مش حينفع اكلمه لانه مش حيفهم


 احسبن


 واروح للسمكري اللي هو مهندس ودكتور يديني ميعاد بعيد من كتر الشغل


اكرفه


واروح لواحد فاضي علشان كحول


 يتعفيج


 يليطها


 اجي ارشها


 ميمسكش





وهي دي العيشه مع كوكا زيرو

Friday, October 16, 2009

عبدو....هي هي ام عبدو



التحلق في ليالي الشتاء البارده تحمل 5 ارغفه علي يدك بدون شبكه متحلقا حول الطاسه
متدفئا ببخار الزيت المتكثف اعلي الطاسه مانعا بصعوبه لعابك من السيل تنظر حولك لتجدهم متاملين مثلك الطاسه وكأن سحرا يجذبهم اليها التحول التدريجي للفلافل من اللون الاخضر الي الاصفر كتحول ام عبده ذاتها من البونيه للطرحه من اغاني قنديل الصباحيه الي ترتيل قناه الفجر الفضائيه
تقليبها بيدها البيضاء الحانيه للعجينه رشها للملح بسخاء ثم غمس اليد في قدر الماء الصافي ليتعكر في لحظات ويتحول لبركه خضراء تقطير بعض من الماء الاخضر في الطاسه لجلب الرزق وتنبيه المتحلقين بصوت اختلاط الماء بالزيت الساخن
تغمض عينيها وتتلو ما تحفظه من تراتيل تكور جزء من العجينه تحفر وسطه تحشو كرشه تستر الكرش تعود لتمحيه تطرزه بالسمسم تسقط القرص الاول برفق لن يتكرر في الاقراص التاليه وتبدا حمي القلي بكل ما تحمله من ضوضاء وامل وفوضي ايمانك التام بان الطاسه لن تكفي كل هذا العدد من الاقراص وايمانها التام بانك مازلت غر ساذج لا تستطيع تقدير حدود ارضك
امساكي بالسيخ الحديدي بيد مرتعشه تتعلق بها عيون المتحلقين وغمسها في الزيت والسعي لايجاد واحده قد اوشك ظهرها علي الاصفرار اقترب بحرص من جانبها تتصاعد دقات قلبي المسها واقلبها برعونه تكاد ان تنفطر معها لنصفين وينفطر معها قلبي وقلوب المتحلقين ايضا ثم تصدر تنهيده الارتياح مع كل تقليبه ناجحه
الشعور بالفخار والابتسامه التي تعلو شفتي بعد الانتهاء من كافه محتويات الطاسه ندائي لام عبدو ايذانا مني بالانتهاء وتاكيدا علي ان من حولي امامهم ملايين السنين الضوئيه حتي يستطيعو انجاز هذا العمل في ذلك الوقت القياسي
اختفاء العيش البلدي ليحل مكانه العيش الشامي بكامل وقاحته وارتفاع سعره وصغره
اسوداد الزيت الذي لا يتغير وانما يزود حين ينقص فقط وتترك التنقيه لرحمه الرب ومصفاه المواد الصلبه فقط
اشكاليه القرطاس الابديه هل هو ورق ابيض ساده خوفا من مراقب وزاره الصحه ام بقايا كراسات تحمل الام طلاب سابقين لم تتجاوز درجاتهم الحد الادني للنجاح فلم يقدرو الا علي اخفائها ببقع زيتيه لا تجيدها الا ام عبدو

اختفاء الجدران الجيريه وصوره عبد الناصر وراديو فيليبس ليحل مكانهم جدران رخاميه وصوره المعوذتين وتليفزيون جولدي 

مخزن الخوف الاول والبصل والفول ورجل شركه النحاس الذي فقد اماميتيه واستبدلهم بفضه خالصه من اجل اناره المخزن في نهارات الشتاء الداكنه منفاه الاجباري من قبل ام عبدو بعد احداث الشغب المتكرره مع متحلقي الطاسه الرجل الذي لم يتوفي منذ 5 سنوات رغم اصرار الاغيار علي موته وتحوله الي ملاك زيتي

اعتصام متحلقي الطاسه لنيل اكياسهم البلاستيكيه كامله رغم اصرار ام عبدو علي زياده قوه تحمل المتحلقين بحمل القرطاس الساخن حتي المنازل بدون كيس بلاستيكي ضغطا للنفقات
اهي محشيه ام ساده هذا هو السؤال الوجودي الذي لم استطع الاجابه عليه حتي الان رغم كل هذا الكم من القراطيس والاقراص والاطباق




تعليق علي البوست

يدعوك شمعون منذ السطر الأول لأن تعيش التجربة معه . فهو يوجه الخطاب اليك مباشرة . كما أنه يصدر فقراته بالفعل فى صيغة المصدر . فلا هو فعل مض , ولا فى المستقبل , ولا الحاضر . هو يدعوك لأن تترك كل الأزمنة وتحيا التجربة فى زمن سرمدى يكتسب ديمومته من العاطفة الفياضة التى تحتضن بها الروح الانسانية تفاصيل الحياة الصغيرة البسيطة المليئة بالدهشة , والقادرة ببساطتها المفرطة على أن تسكن القلب . ليس كل قلب . بل القلب المفتوحة مصاريعه لاستقبال الدهشة . القلب الذى لم تلوثه المادية المفرطة , فتحوله كتلة صماء تحيا فى خواء .

      والمدهش هو أن التجربة كلها تتناول فعلا فى منتهى البساطة , عشناه جميعنا مرارا , هو عملية صنع أقراص الفلافل , وتحلق الزبائن , وتلهفهم على الحصول على الأقراص ساخنة طازجة . ومناط الدهشة أن استطاع الشاطر استخراج هذا الكم المدهش من العاطفة من مثل هذا العمل الروتينى الجار فى كل شارع وحاره ( وزنجه ) على مدار كل ساعات النهار . دعونا نستعرض فى عجالة بعض قدرات القص التى يظهرها النص .
1- قدرة الكاتب على صنع الصورة .
حالة التحلق حول الطاسة . انظر كيف استخدم بخار الزيت المتكثف فى ليلة شتائية ليبعث فيك الدفء , ويسيل لعابك فيحرك حاسة التذوق , فى حين تتحول الأقراص من اللون الأخضر الى الأصفر فتستيقظ حاسة البصر , فاذا المشهد حيا تعيشه بحواسك محتشدة .
فى الفقرة الثانية  ( تكور جزءامن العجينة , تحفر وسطه , تحشو كرشه , تستر الكرش , تعود لتمحوه ,تطرزه بالسمسم , تسقط القرص الأول برفق , وتبدأ حمى القلى . ) الانتقال السريع , والجمل القصيرة , كالمتدارك الذى صنع شعر الملاحم , اجراءات التحضير للمعركة  تمضى بصمت وجدية , حتى تحين ساعة الصفر , فتسقط القرص الأول . لتدوى نيران المدفعية , وتبدأ حمى القلى . الله . ثم تقول تعقيبا على الغر ما يعنى انها تدرك المدى الذى يمكنها الذهاب اليه , انها امرأة  تملك من الثقة مايحتاجه قائد فى الميدان . صورة حية محتشدة .
2- القدرة على الانتباه للتفاصيل البسيطة التى تثرى التجربة ,كالماء فى القدر الذى تعكره يد أم عبدو ,ورش الملح بسخاء. وصوت اختلاط الماء بالزيت الساخن . تنهيدة الارتياح . وتقوم التفاصيل الصغيرة بدور الاكسسوار الذى يوشى العمل الفنى فيزيده ثراء .
3- رصد مظاهر التحول التى تشى بالحنين للماضى .نلمسها فى وقاحة العيش الشامى , تأمل الحشد والتكثيف فى لفظ  وقاحته وان كان أفسد الدفقة عندما تولى عن المتلقى تفسير الوقاحة بارتفاع ثمن الرغيف  وصغر حجمه . وما كان أغناه عن ذلك . وانظر تحول أم عبدو من البونيه الى الطرحة , ومن أغانى قنديل الى تراتيل الفجر , يصلك الاحساس بحلول شىء مصنوع محل شىء أصيل . نفس المعنى يحمله اختفاء الجدران الجيرية وصورة عبد الناصر .
4- ويظل ما يميز شمعون هو الحس الساخر . كالربط بين تحول لون الأقراص وتحول أم عبدو نفسها .
  وانظر الى عبارة ( مع كل تقليبة ناجحة ) . فأضفاء الكثير من الأهمية والخطورة على فعل بسيط هو نوع من المفارقة تحمل قدرا من السخرية . كما فى اسوداد الزيت وترك التنقية لرحمة الرب . والام الطلاب السابقين فى بقايا الكراسات التى تتحول الى قراطيس مخالفة لشروط الصحة .

والمدهش فى النهاية هو قدرة شمعون على رسم شخصية أم عبدو من خلال السرد وعلى مدار الحكى بلمسات أو ( لطشات ) فرشاه موزعة بمهارة بين الفقرات . هيا نتتبع هذة اللمسات المتفرقة.
-ا لتحول الذى طرأ على شكل ومزاج ام عبدو فى نهاية الفقرة الأولى
- يدها البيضاء الحانية .
- رشها للملح بسخاء .
- سلطتها المتمثلة فى قدرتها على تكليف أحد الزبائن بالتقليب .
- مواكبتها لروح العصر الاستهلاكى فى استبدال الجدران الرخامية والمعوزتين بالجدران الجيرية وصورة عبد الناصر .
- سطوتها كما فى نفى رجل شركة النحاس .

من هى أم عبدو فى الواقع ؟ .. انها الشخصية التى تمثل الانسان المصرى الطبيعى الذى يسكن قلب المدينة . الانسان الذى استطاع أن يسلح نفسه بأسلحة متناقضة من التقى والعصيان , ومن الشدة واللين , ومن البطش والحيلة . لكى يشق طريقه وسط غابة من السلوك والممارسات العشوائية .
يتبقى أن نوجه التحية لشمعون , أن استطاع أن يحشد كل هذا الزخم فى أقل من ثلاث صفحات , وبقدر ماأوجه له التحية , أدعوه للأمساك بالمشرط . كما أدعوه للأهتمام بعلامات الترقيم .
                                                                                      محسن الطوخى